النار |
ساكنوها خلق آخر : قال تعالى : (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـَٔايَـٰتِنَا سَوۡفَ نُصۡلِيہِمۡ نَارً۬ا كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَـٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمً۬ا )[ النساء : 56 ]. أى آتيناهم مكان كل جلد محترق جلدا آخر غير محترق ، فإن ذلك أبلغ فى إحساس الشخص بالعذاب لأن إحساسه بعمل النار فى الجلد الذى لم يحترق أبلغ من إحساسه بعملها فى الجلد المحترق ، وهو ما بلغه العلم الحديث بعد مئات السنين من نزول القرآن ، حيث أنه إذا وصلت النار عميقا حتى تحرق أعصاب الإنسان فقد الإنسان أي إحساس بالألم ، فكان لابد لاستمرار عذابه وإيلامه إمداده بأعصاب جديدة ، بل يتحوَّل الناريون خلقا غريبا ضخما. قال عنه : " إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار ، وإن ضرسه مثل أحد ، وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة" 1وفي حديث آخر : " ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع" 2
ولماذا كل هذا؟! لكي تشعر كل ذرة من جسد المُعذَّب بالعذاب فيتضاعف أثر الألم على البدن ، ولو أن رجلا اشتكى رأسه من الألم أو اشتكى بطنه فحسب أو رجله أو يده لنغَّص هذا الألم المحدود في عضو واحد من أعضائه عليه أوقاته وأطار منامه ، فكيف إذا كانت كل خلية في الجسد تشتكي وتتعذَّب؟! ومن كثرة ما يلقى أهل النار من السعير يتحولون تحولا آخر ، حيث التهبت أحشاؤهم واحترقت أجوافهم حتى بدا أثر ذلك في أنفاسهم وزفيرهم ، ففي حديث أبي هريرة عن النبي (ص) قال : " لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون ، وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم لأحرق من في المسجد أو يزيدون" 3
وقد أخبر النبي (ص) في حديث آخر أن خصائص الخلايا البشرية تتغير ، فبدلا من مجرد احتراق الأنسجة وتفحمها إذا وصلت النار إليها تتغير خصائصها ، فتوصل هذه الأنسجة الحرارة حتى تمتد من قدمي المعذَّب إلى دماغه. قال (ص):" إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن أحدا أشدَّمنه عذابا ، وإنه لأهونهم عذابا" 4 وتكون النتيجة الحتمية: ما أخبر عنه النبي (ص) من أن النار تلتهم الجسد كله لا تُبقي منه غير الوجه ليُعرف به صاحبه، فقد أخبر (ص) بالمشهد التالي وكأنه رآه رأي عين: "إن الله يخرج أقواما من النار بعدما لا يبقى منهم فيها إلا الوجوه، فيُدخِلهم الجنة" 5
[1]صحيح : رواه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم : 2114. قال المنذري : الجبَّار ملك باليمن له ذراع معروف المقدار. تحفة الأحوذي 6/372. قال البيهقي : أراد التهويل أي بلفظ الجبار ويحتمل إرادة جبار من الجبابرة. فيض القدير 5/554
[2]صحيح : رواه الشيخان عن أبي هريرة كما في صحيح الجامع رقم : 5591
[3]صحيح : رواه البزار وأبو يعلى كما في صحيح الترغيب والترهيب رقم : 3668والسلسلة الصحيحة رقم :2509
[4]صحيح : رواه مسلم عن النعمان بن بشير كما في صحيح الجامع رقم : 2033 [5]صحيح: رواه عبد بن حميد عن أبي سعيد كما في صحيح رقم: 1893. |
اضف تعليقك