سرعة التلبية

قال الله تعالى: "وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡہِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَـٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ۬ مِّنۡہُمۡ‌ۖ وَلَوۡ أَنَّہُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرً۬ا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتً۬ا"  [النساء: 66].

قال القرطبي [ت: 671]:

«ولو: حرف يدل على امتناع الشيء لامتناع غيره، فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه لم يكتب علينا ذلك رفقًا بنا لئلا تظهر معصيتنا، فكم من أمر قصَّرنا عنه مع خِفَّته، فكيف بهذا الأمر مع ثقله؟!» 1.

ولقد فاخرت يهود بهذا على عهد النبي × فقال قائلهم: والله لقد كُتِب علينا أن نقتل أنفسنا فقتلنا، وبلغت القتلى سبعين ألفا، فدمغه زيد بن ثابت [ت: 45] بقوله:

«والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لفعلنا» 2.

وليس زيد وحده هو من جدَّد عهد اليقين مع الله بل كذلك عمار بن ياسر [ت: 32] الذي كان يسير يومًا على شاطئ الفرات فقال:

«اللهم لو أعلم أن أرضى لك عني أن أتردى فأسقط لفعلت، ولو أعلم أن أرضى لك عني أن أوقد نارًا فأقع فيها لفعلت، اللهم ولو أعلم أن أرضى لك عني أن ألقي نفسي في هذا الماء فأغرق فيه لفعلت» 3.

ارتباط اليقين بالعمل

وكل يقين ليس معه عمل ليس بيقين ولا شبه يقين، فليس شيء أدل على شيء من العمل على اليقين، ويشهد لهذا قوله تعالى: "ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّڪَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأَخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ" [النمل: 3]، فاليقين بالآخرة يعني المسارعة إلى الخيرات والمبادرة إلى الأعمال الصالحة، وإنما ذكر اليقين في سياق إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ليعلم أنه علم وعمل، فهم وسعي، نظرية وتطبيق.

قال الإمام الشوكاني [ت: 18] في تفسير هذه الآية:

"ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّڪَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأَخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ" [النمل: 3]، في محل نصب على الحال، وكرر الضمير للدلالة على الحصر؛ أي لا يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح، وجعل الخبر مرفوعًا للدلالة على التجدد في كل وقت وعدم الانقطاع» 4.


([1])تفسير القرطبي ص 1840.

([2])تفسير القرطبي ص 1840.

([3])الزهد ص 220. أحمد بن حنبل. ط دار الريان.

([4])فتح القدير 4/179.

 

اضف تعليقك

لافتة إعلانية
لافتة إعلانية
لافتة إعلانية

احصائيات الموقع

حاليا يتواجد 155 زوار  على الموقع