رأى النار بعينه

قال النبي (ص): «ليس الخبر كالمعاينة» 1.

وكأنه ينظر إلى الغيب من وراء ستار رقيق فيستنبط حقائق القلوب ويستخرج ودائع الغيوب، طوى الله له الزمان طيًّا فرأى أهل النار يُعذَّبون فيها لا ليزداد يقينًا، بل لينقل لنا الخبر فنزداد نحن يقينًا فقال (ص):

«لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا» 2.

والمؤمن الصادق يصدق عيني رسول الله (ص) أكثر مما يصدق عينيه، وهذا ما أخبر به ابن القيم [ت: 751]- رحمه الله – فقال راويًا عن أحد السلف:

«رأيتُ الجنة والنار حقيقة. قيل له: كيف؟! قال: رأيتهما بعيني رسول الله (ص)، ورؤيته لهما بعينيه آثر عندي من رؤيتي لهما بعيني، فإن بصري قد يطغى ويزيغ بخلاف بصره (ص)» 3.

واقرؤوا معي خبر رؤيته للنار بعينه: عن عدي بن حاتم (ص) [ت: 68] قال: قال النبي (ص): «اتقوا النار»، ثم أعرض وأشاح ثلاثًا، حتى ظننا أنه ينظر إليها ثم قال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة» 4.

قال القاضي عياض [ت: 544]:

«قال العلماء: يحتمل أن رآها رؤية عين كشف الله تعالى عنها، وأزال الحجب بينه وبينها كما فرج عن المسجد الأقصى حين وصفه.

وقالوا: ويحتمل أن يكون رؤية علم وعرض وحس بإطلاعه وتعريفه من أمورها تفصيلاً ما لم يعرفه قبل ذلك، ومن عظيم شأنها ما زاده علما بأمرهما وخشية وتحذير ودوام ذكر.

والتأويل الأول أولى وأشبه بألفاظ الحديث لما فيه من الأمور الدالة على رؤية العين، كتناوله من العنقود وتأخره مخافة أن يصيبه لفح النار» 5.


([1])صحيح: رواه الطبراني في الأوسط عن أنس كما في ص ج ص رقم: 5373.

([2])فتح الباري قم: 6485.

([3])تهذيب مدارج السالكين ص 729. عبد المنعم صالح العلي العزي. ط. مؤسسة الرسالة.

([4])صحيح: رواه عدي بن حاتم كما في اللؤلؤ والمرجان رقم: 597.

([5])صحيح: صحيح مسلم بشرح النووي 3/480. ط. دار أبي حيان

 

اضف تعليقك

لافتة إعلانية
لافتة إعلانية
لافتة إعلانية

احصائيات الموقع

حاليا يتواجد 146 زوار  على الموقع